عندما نشرت في صحيفة (الطليعة) العدد 1267 الصادرة في 11 مارس 1997، مقالا بعنوان (عطاء الرواد بين المحذور والميسور) تزامنا مع الموسم الثقافي لرابطة الاجتماعيين الرابع والعشرين لعام 1997، وعنوانه (المجتمع المدني في الكويت) لم أكن أتوقع أن ينال كل ذلك الاهتمام والثناء من الزملاء والقراء، ومن الأساتذة والباحثين في أمور التراث والتاريخ، وعن الذين يهمهم الأمر، وما ترك من أصداء طيبة وواسعة للعديد من القراء سواء أولئك الذين اتصلوا بصحيفة (الطليعة) أو بي شخصيا معا حفزني على نشر المزيد سواء ما توافر لدى من معلومات مستجدة، وأخرى زودني بها بعض المعارف والأصدقاء، كما أن ما سمعته من تشجيع وإطراء حفزني لعطاء المزيد لحصيلة وافرة عن أسرة آل الإبراهيم، فالحقته بنشر مقال ثان في (الطليعة) بعددها الصادر في 26 مارس 1997، والذي حقق من النجاح كسابقة، مثيرا صدى هائلا في اذهان وأذان القراء، بل ربما فاق سابقة، وكانت النتيجة تنفقا لمداخلات ودراسات وافرة شملت مرحلة شبه منسية وغائبة تفضل بها بعض القراء والأصدقاء من بيت آل إبراهيم وغيرهم، ومن جملة ما حصلت عليه هي ما أدركني بها الأخ الأستاذ يعقوب الإبراهيم، من مصادر جديدة مفيدة جديدة بالاهتمام والمتابعة والتدوين، تصب في مجملها في تسجيل تاريخي موثق لأول سيارة استقدمت للكويت، فرأيت أن أنشر وأوثق ما حصلت عليه لأهميته البالغة، خاصة ونحن مقبلون على مشروع التشييد متحف الشيخ مبارك الصباح للسيارات، وقد تلقيت من (لجنة السيارات التاريخية) دعوة كريمة للمشاركة في معرض الصور والوثائق والأفلام التاريخية المتعلقة بالسيارات وتاريخها في الكويت، فقبلت الدعوة شاكرا ومشتركا بما عندي من مقتنيات في هذا المجال لما يحظى به هذا الموضوع من اهتمام المواطنين المتزايد وما تقوم به (لجنة السيارات الأولى) من حصر وتوثيق السيارات الأولى، من حصر وتوثيق السيارات التي وصلت الكويت في بداية هذا القرن، والتأكد من صحة الروايات المتعددة في هذا الشأن التاريخي المهم. من هذا المنطلق كان الحافز لإقامة المعرض الأول خلال الفترة الممتدة من 9-20 ابريل 1997 في النادي العلمي، حيث تضمن المعرض العديد من الصور والوثائق والأفلام القديمة المتعلقة بالسيارات التاريخية في الكويت، الذي بدوره سوف يشكل النواة الأولى لإنشاء متحف الشيخ مبارك الكبير للسيارات. وسأذكر هنا المعلومات التي حصلت عليها والتي توافرت لدى بدون زيادة أو نقصان كي لا تأتي الأحكام مغلوطة من جهة على حساب جهة أخرى، أو من ظالم على من ظلم. فالوطن هو في أمس الحاجة إلى التاريخ لكي تتضح الرؤيا، لا أن تثار حوله عواصف الغبار فتعدمها أو تحجبها. ففي هذه الأيام أصبحنا نلاحظ خلطاً يدل على حامليه وما هم فيه من محدودية الثقافة، والميل إلى الاعتماد على الحدس والتخمين في ما يكتبون، متجاهلين الكثير من الحقائق التاريخية ومتقاعسين عن عملية البحث والتقصي حتى في المراجع المتيسرة لهم، واللجوء إلى اختلاق الأخبار والمواقف الملفقة معتمدين في ذلك على ثقافة سمعية متناقلة من (زيد وعبيد). ثم كيف يستطيع المرء إقناع الجاهل أو المتجاهل بوجود النهار؟ وفي ذلك يقول المتنبي: وليس يصح في الأذهان شيء إذا احتاج النهار إلى دليل، إن هدفنا هنا هو بيان الحقيقة وكشف الإقلام العارية من المعرفة التي لا يمكن اعتمادها لخلوها من المصادر الموثقة وبيان الوثائق الناطقة التي يصح اعتمادها في الدراسة والتدوين والتوثيق. لقد طاق العديد من الرحالة خاصة المستشرقين منهم في بلادنا، وسجلوا بكتاباتهم الكثير من الأحداث والظواهر، ومن هؤلاء الرحالة الأجانب: أولا: ج.ج. لوريمر، وقد عمل قنصلا بريطانيا في بغداد عام 1906 واشتهر بموسوعته القيمة، دليل الخليج، المكونة من 14 جزءا، وقد قام في شتاء 1904 بزيارة تجول فيها في منطقة الخليج من أجل جمع المعلومات ابتداء من مسقط وصحار والشارقة، البحرين والكويت وبوشهر وبندر عباس، وقد سبق الدلوريمر، أن صحب اللورد كيرزون نائب الملك في الهند في زيارة له للخليج العربي عام 1903، قابل فيها الشيخ مبارك الصباح، وقد ترجم الدليل إلى العربية مرتين، الأخيرة على نفقة حكومة دولة قطر التي قامت بطبعة عامي 1967 و 1969 ويعتبر الدليل مرجعا من أهم الوثائق البريطانية عن الخليج العربي، حيث لم يترك صغيرة أو كبيرة إلا أحصاها ورسم خرائط للمنطقة وصورها وفصل تاريخها تفصيلا، وأضعا كل جزء منه تحت المنظار، مدنا وقرى، قبائل وحكاماً، فادرج كل عاداتهم وتقاليدهم، وكتب عن كل سلاحهم وعتادهم وأحصى حيواناتهم ودوابهم وصنف نباتهم وشجرهم، ورصد الأنواء والأجواء. فغطت المادة الخاصة بالكويت فترة حكم الشيخ مبارك الصباح، على مساحة واسعة بلغت ثلثي ما كتب عن الكويت أصلاً، وما يهمنا هنا أنه لم يذكر وجود سيارة في الكويت لغاية انتهاء مدة كتابة حوالي عام 1910، وإنما ذكر شراء يخت عام 1907، من قبل الشيخ مبارك الصباح، بمبلغ مائة ألف روبية إضافة إلى مصاريف التشغيل والصيانة مما سبب ذلك أزمة مالية للشيخ مبارك الصباح زادت على أثرها الرسوم والضرائب. (راجع كتاب الكويت في دليل الخليج (لوريمر الجزء الأول ص178 إعداد خالد سعود الزيد، صادر عن شركة الربيعان للنشر 1981. ثانيا: الرحالة الدنماركي، باركلي روينكير الذي زار الكويت في 29 يناير 1912 ، وصلها في الساعة الثامنة من مساء ذلك اليوم، حيث قابله صبيحة يوم الخميس 30 يناير 1912، الشيخ مبارك الصباح بقصر السيف وأقام بضيافته حتى 24 فبراير 1912، فكتب فصلا كاملا من خمس وعشرين صفحة مسهبة وصف فيها مقابلته للشيخ مبارك الصباح كما وصف قصر السف والحرس والخدم والملبس والمشرب والمأكل، وأسواق المدينة، متاجرها، مفاهيها، ميناءها، حضرها، وبدوها، بحرها، جوها، نباتها، حيواناتها، واصف كل شيء شاهده فيها، حتى الذباب الذي يستقر على أعين النائمين من الحرس في وقت الظهيرة، مستعينا بالرسوم، حيث كان رساماً، فرسم السلاح والبيت والمساجد، ووصف دلة القهوة وطريقة صنعها وتقديمها ولكنه لم يأت بذكر السيارة إطلاقا بل ذكر اليخت كما وصف بدقة موكب الشيخ مبارك الصباح والعربة اللامعة المكشوفة التي تتكون من مقعدين وأربع عجلات، يجرها حصانان أسودان يستقلها الشيخ مبارك الصباح يوميا في ذهابه إلى السوق حيث يعقد مجلسا هناك بعد مجلس القصر في الصباح المبكر، (راجع كتاب: عبر أرض الوهابيين على ظهور الإبل)، باركلي رونيكر ما يختص بالكويت على الصفحات 33 حتى 57). ثالثا: الدكتور ستانلي ماليري، طبيب الإرسالية الأمريكية الذي زار الكويت في يوليو 1911، وكتب في مذكراته التي ترجمها د. محمد الرميحي وأسماها (الكويت قبل النفط) يذكر في ص49. قد حكم الشيخ مبارك الصباح الكويت بيد حديدية، وكانت كلمته قانونا، ولم يكن يسمح لأي من رعاياه بالاحتفاظ بعربة أو حتى بجواد لركوب، أما المسنون فكانوا يركبون حميرا متواضعة، وكان الاستثناء الوحيد لهذه القاعدة هو، نقيب البصرة السيد رجب باشا النقيب الذي كان صديقا حميما للشيخ مبارك والشخصية الدينية الرئيسية في البصرة، وكان النقيب في مناسبات خاصة فقط يقود عربة فخمة يجرها حصانان، وهكذا فقد كان الشيخ مبارك (يكرم أهل الدين أكثر مما يكرم أهل الدولة) ولكن النقيب كان يمشي في معظم الأوقات. وكان من عادة الشيخ مبارك أن يقوم بجولة رسمية في السوق بعد ظهر كل يوم، حيث كان يركب عربة جميلة من طراز (فكتوريا) يجرها حصانان بديعان، ويسير بتمهل عبر الأسواق ويتوقف أمام المقهى القديم لعقد مجلسة الرسمي. رابعاً: كما أقام في الكويت الدكتور كالفرلي وزوجته د. الينور، في ديسمبر عام 1911، حيث عملا في مستوصف الإرسالية الأمريكية وبعدها بالمستشفي المعروف بـ(الأمريكاني) وقد كتبت مذكراتها في الكويت لفترة امتدت حوالي عشرين عاما، عاصرت فيها حكم الشيخ مبارك الصباح والشيخ جابر المبارك الصباح والشيخ سالم مبارك الصباح والشيخ أحمد الجابر الصباح.. وما يهمنا هنا هو: السنة 1911، ولم يأت ذكر على الإطلاق للسيارة في ذلك الوقت راجع كتاب (كنت طبيبة في الكويت د. الينور كالفرلي) وتجدر الإشارة والتنبيه هنا إلى لجنة موثقي تاريخ السيارات بأن الإرسالية الأمريكية قد استقدمت سيارتين (فورد) 1917، بداية العقد الثاني من القرن الحالي، فكانوا من أوائل من استخدم السيارات في الكويت. خامساً: زار القاضي الهندي كورستجي الكويت في 21 ديسمبر 1916، وأقام فيها أربعة أيام قابل فيها الشيخ جابر مبارك الصباح، بصحبة المرحوم عبد اللطيف العبد الجليل (المدير) وكتب بإسهاب ووصف دقيق للكويت بعين الرحالة المدقق، وذكر: إن القصر ودائرة الجمارك مجهزة بالمصابيح الكهربائية، وكذلك ماكنة لتحلية المياه، ومعمل صغير للثلج، كما يملك الشيخ يختا بخاريا وسيارة ممتازة، يحسبها أهل الكويت من جنس الشياطين، أو الجن، وإن سائق السيارة مواطن تدرب في بومبي (يقصد: على حسن بوخنفر) إنه لا توجد أي سيارات أخرى غيرها. راجع كتاب (رحلة في الخليج وبلاد التمر) سي. أم. كورستجي. ص129، الفصل الذي يخص الكويت من ص118، ص130. سادساً: هناك فضل كبير وحق على كل من يؤخر للسيارات أن يعطي وبكل فخر إلى المرحوم عبد الله خالد الحاتم حقه في هذا الجانب فعلى الرغم من بساطه أسلوبه ومحدوية مصادره، إلا أنه استطاع أن يجمع في كتابه (من هنا بدأت الكويت) الكثير من الأوليات الكويتية، وليس حريا بأحد أن يخفى هذه الحقيقة أو أن يحجبها، فقد ظهرت أول طبعة من كتابه هذا سنة 1962، ذكر فيه: إن تاريخ أول سيارة وصلت إلى الكويت كانت هي هدية الشيخ جاسم آل إبراهيم عام 1912، إلى الشيخ مبارك الصباح وهي من نوع (مناروا) وهي السيارة التي ذكرها الرحالة الهندي كورستجي كما ذكرنا سابقاً، ولم يذكر البلد المصنع لها وتسجيله هذا هو الأصح، ولكن الخطأ الذي وقع فيه الحاتم هو الأسم فلا توجد اطلاقا سيارة باسم (مناروا) كما ذكرت خطأ كذلك في مقال نشر في جريدة (القبس) في 27 مارس 1997، وقبلها في مقال الأستاذ سيف الشملان في مجلة (أوتوكار) الصادرة في مارس 1994، حينما ذكر بأن السيارة أسمها (مناروا) وفي المقال أخطاء تاريخية وتصنيعية لسنا بصددها الآن. تحليلنا أن المرحوم عبد الله خالد الحاتم القبس عليه حرف 7 بالإنجليزية واعتبره U ومن هنا جاءت التسمية (مناروا) خطأ Minerua والصواب هو: Mi-Nerva (راجع انسكلوبيديا للسيارات، جرجانو) وكذلك (انسكلوبيديا السيارات، كرس هارتون). سابعا: في مقابلة صحفية أجرتها صحيفة السياسة مع المرحوم الشيخ عبد الله الجابر الصباح يوم 9 نوفمبر 1984، ذكر فيها أن أول سيارة وصلت إلى الكويت هي هدية الشيخ جاسم إلى إبراهيم إلى الشيخ مبارك الصباح، وقد اطلق عليها أهل الكويت اسم (الفيل) لضخامتها وغرابتها، والمعروف عنه رحمه الله عليه أنه من مواليد حوالي 1900 تقريبا مما يصل عمره حينذاك حوالي اثنتي عشر سنة مما يمكن اعتباره شاهد عيان مميزا. أما استمرار الجدل حول ما ذكرنا بأنها السيارة الثانية وأن الأولى جلبت عام 1911، لا يستند إلى دلالة ولم تذكر وثيقة أو ذكر في كتاب أو ما أشبه كما استعرضنا، ما إذا كانت هي الثانية ولماذا إذن لم يسمها العامة في ذلك الوقت (الفيل الثاني)؟ أو رقم2، أو أي اسم أخرى؟؟ ولكون أنه لم يطلق عليها اسم أخر إطلاقا حيث كان شأن الناس حينذاك شبيه كل ما هو غريب وجدير فإن ذلك ما يثير دهشتنا. ولو أخذنا جدلا برأي الأستاذ سيف الشملان والذي تكرره (لجنة التوثيق للسيارات) بدون تحر فهل يعرقل أن يكون شيخ الكويت مبارك الصباح الذي استطاع أن يقتني يختا عام 1907، بمبلغ مائة ألف روبية بقتني في عام 1911، سيارة مستعملة مستهكلة بواسطة وكيلة في بومبي محمد سالم السديراوي؟ ثم إعادة مرة أخرى إلى الهند لإصلاحها نظرا لصوتها المرتفع.. وكثرة عطلها، علماً بأن استعمالها لا يزيد عن نصف كيلو متر يوميا!! ولكنها على نفس الرأي بيعت هناك؟؟ إن هذه الروايات لا يتقبلها العقل والمنطق للأسباب التالية: 1- لا يمكن أن تكون هذه السيارة هي النوع نفسه الذي ذكره عبد الله الحاتم، وإذا كان تشابه الأسمين وقع بمحض المصادفة بين ما ذكره الحاتم وقاله الشملان، فإن ذلك يبقى من سابع المستحيلات! لماذا لم يجد الأستاذ سيف الشملان أسما أخر غير ما ذكره الحاتم؟ وكون السيارة قد استوردت من الهند في ذلك الوقت كانت المستعمرة بريطاني، فلماذا لم تكن السيارة بريطانية الصنع مثلا؟ فيكون الاسم هنا مختلفاً. 2- لا يمكن أن تكون السيارة بهذه الحالة السيئة من القدم، لأن السيارة تسوق تجاريا ابتداء من أول القرن، وفي الهند بالذات في منتصف العقد الأول منه أي من 1905، 1910، فإن عمرها يكون في أسوا الاحتمالات خمس سنوات، فإذا كان الأستاذ سيف يرى في مطلع القرن وبداية إنتاج السيارات، أن مدة خمس سنوات كافية لاستهلاك السيارة فإن هذا الرأي خارج نطاق استيعابنا. 3- يذكر الأستاذ سيف الشملان في مقالة له نشرت في مجلة (الأوتوكار) أن من أسباب عزوف الشيخ عنها، يقصد السيارة، هو ارتفاع الأصوات التي تنبعث من محركاتها، وفي مقال آخر في المجلة نفسها، يذكر طرفة عن الحاتم عن أن السيارة كانت تطلق أبواقها لتنبه الناس، فهل هناك حاجة إلى بوق إذا كانت الأدوات المنبة منها مصدر عزوف الشيخ عن استعمالها. ثم يأتي في المقال الذي نشر في صحيفة (القبس) عن العلاقات العامة (للجنة السيارات التاريخية). بأن منبهها يشبه أبواق الحرب في ذلك الوقت! ولا أدرى ما هو المقصود بأبواق الحرب؟ ففي الكويت – وبذلك الوقت. لم تكن توجد فرقة موسيقية عسكرية تعزف للحرب على أبواق الحرب، فلم نعد ندري ما هو الصحيح، هل لهذه السيارة أبواق أو بدون، وهل صوتها مرتفع ومزعج أو أن (الرندي) يصيح (بالك.. بالك لينبه الناس ويفسح الطريق)؟ لقد ضعنا كما ضاعت الطاسة فإذا كان مؤرخ اللجنة. وجهازها الإعلامي لم ينفقا بعد على وجود البوق أو عدمه فكيف نستطيع الوثوق بالرواية كاملة أصلا؟ 4- من الغرابة بمكان أن كل مقالات وتصريحات لجنة تاريخ السيارات تؤخذ أصلا بتصرف من كتاب المرحوم عبد الله الحاتم دون ذكر كمرجع، وهذا ما فعله الأستاذ سيف الشملان!! والكل يعلم أن الكاتب والمؤرخ يجب أن يذكر المصادر التي أخذ منها، وهذا ما تقتضيه الأمانة العلمية والتاريخية، فلم نجد ذكرا للمصادر التي ذكرناها في بداية هذه المقالة، ولا أعرف سببا لذلك علما بأننا اشرنا إلى كل ما كتب خلال الفترة المعتدة من عامي 1910 حتى بداية 1912، وكذلك عام 1916 وهي فترة بحثنا كما ذكرها الشيخ عبد الله الجابر الصباح كشاهد عيان ولم نسمع من ينفي قوله وكذلك المرحوم عبد الله الحاتم لم يتقدم أحد ينفي ما قاله في كتابه (من هنا بدأت الكويت) الصادر عام 1962. إن ما ذكر عن الشيخ مبارك الصباح بأنه أقتنى سيارة مستهلكة، وهو القادر على شراء يخت قبلها بأربع سنوات بمبلغ مائة ألف روبية، فإن ما نسبوه إلى الشيخ مبارك الصباح في هذا الصدد يعتبر إساءة مباشرة ومن المفروض أن لا تثار مثل هذه الشبهات إلى رموز تاريخية، لأنها تعتبر قدحا بالرجل الكبير وليست مدحا. فهل يستوعب من كتب مثل هذا الخطأ؟ وهنا نصل إلى نتيجة واحدة لا يوجد غيرها هي: إن أول سيارة وصلت إلى الكويت هي هدية الشيخ جاسم آل إبراهيم إلى الشيخ مبارك الصباح عبد الحميد الثاني، وقد كان ذلك أثناء قيام الشيخ جاسم آل إبراهيم برحلاته التجارية والمتعددة إلى باريس، حيث كان قد ارتبط بعلاقات تجارية لتسويق اللؤلؤ، وكان (روزنتال) وكيلة هناك ويقع محله في شارع لافييت الشهير في باريس، وهذا ما ذكره حفيد روزتنال لنا. كما أن السيارة كانت بلجيكية الصنع من نوع (مانبرفا) لكون بلجيكا من البلدان الناطقة بالفرنسية فإن بضائعها قابلة للانتشار هناك، من هنا جاء اختيار السيارة لكونها من أغلى وأفضل أنواع السيارات في ذلك الوقت وقد اقتناها ملوك أوروبا وكذلك هنرى فورد. كان ينبغي من لجنة السيارات التاريخية الاستزادة والاهتمام لما نشر في مجلة (أسرتي) عدد نوفمبر 1995، بما حوى من حقائق ومعلومات في غاية الأهمية عن تاريخ السيارات عموما في الكويت وخارجها وأول من اقتناها. فإذا أردوا أن يؤرخوا لأنفسهم فلا اعتراض على ذلك، أما إذا أرادوا أن يؤرخوا للكويت فإن الأمانة التاريخية ينبغي أن تبرز وفقا للوثائق الحقيقية فالأمر يتعلق برمز من رموزنا التاريخية وبالوطن وأبنائه تاريخا تراثا.
الطليعة – الأربعاء 30 أبريل 1997 – العدد (1274) رقم 9 أول سيارة وصلت إلى الكويت كانت هدية إلى الشيخ مبارك الصباح من الشيخ جاسم آل إبراهيم
4957 اجمالي الزيارات 2 الزيارات اليوم
تعليقات الزوار