الرئيسية / الوطن و السكن / هذه بيوتنا ،، قصر السيف “معنى ومبنى “

هذه بيوتنا ،، قصر السيف “معنى ومبنى “

ليست المنازل جدران “وحيطان”، شبابيك و”بيبان”، بل هي خلطة الطين بالأيام وعجين الأحداث بالأقدار، تتشابك بها غزارة المعنى ومتانة المبنى كعناق الأثر بالخبر، حديث الزمان وثبات المكان. هى صورة الأمجاد وحومة الأجداد، هى التاريخ في تألقه وخفوته هى الشموخ هى الشموع. هى الواقع والأسطورة، هى الحكاية والأنشودة، هى تحية القدوم وسلام الوداع. هى نوادر الجدات في جلسات الصفاء والدفء، وسلوى المخضرمين إذا ماهاجت بهم الذكريات. هى الطائر الميمون والمستقر الرحب بكى على أطلالها العشاق وصدحت في فنائها الأغاني وناجاها المتيمين وأبدع بوصفها المتنبي في تجلياته:-

يامنازل لك في القلوب منازل

لَكِ يا مَنازِلُ في القُلوبِ مَنازِلُ     أقفَرْتِ أنْتِ وهنّ منكِ أواهِلُ
جَمَحَ الزّمانُ فَلا لَذيذٌ خالِصٌ     ممّا يَشُوبُ ولا سُرُورٌ كامِلُ
إنْعَمْ ولَذّ فَلِلأمورِ أواخِرٌ     أبَداً إذا كانَتْ لَهُنّ أوائِلُ

هى الذكر هى الفكر، هى العبق هى العمق، هى المأوى هى المثوى، السكوت عنها كما الإستمرار في عملية إغتيال للتاريخ، عندما حرفت معانيه وشوهت معالمه وضيعته أقلام النفاق قبل تمزيقه ثم دفنه وقطع دابره. ولكن هيهات … فعلى الرغم من كل ذلك فإن للحقيقة أضواء وإن خفتت، وأصداء وإن خفت مادام للذاكرة عرق ينبض وللوثيقة عذر يمحق، انها بيوتنا .

 

كشك يوسف، واجهة بيت ال بن ابراهيم

كشك يوسف، واجهة بيت ال بن ابراهيم

بيت آل بن إبراهيم كما هو مذكور سالفاً في بهيته مقابل قصر السيف حالياً أقام فيه الشيخ مبارك من ١٩٠١ الى عام ١٩٠٧م حينما انتهى من بناء قصر السيف

بيت آل بن إبراهيم في بهيته مقابل قصر السيف حالياً أقام فيه الشيخ مبارك من ١٩٠١ الى عام ١٩٠٧م حينما انتهى من بناء قصر السيف

قصر السيف بنى وسكنه الشيخ مبارك عام 1907م وقبل ذلك كان يقيم في بيت الشيخ يوسف الإبراهيم حيث استدخله بعد معركة الصريف 17 مارس 1901م وكان البيت خالي لمدة خمسه سنوات وعنه تطرقت تقارير كتبها قبطان الطراد “اسكولد ASKOLD” ريتسنشتاين بتاريخ 28 نوفمبر 1902م يقول فيه : “وهنا الشيخ كان في أثناء زيارتنا هو مبارك بن صباح الذي يعيش في بيته الواقع عند الشاطئ مباشرة وهو بيت كبير جدا مكون من طابقين ولكل طابق شرفات وامام الدار نصبت سارية مرفوع عليها علم ويقال ان هذا العلم يرفع لدى وصول كل سفينة.

أما تقرير الكابتن ساريتشيف قبطان الطراد بويارين BOYARIN الذي زار الكويت من 20-23 فبراير 1903م يقول فيه “لقد استقبلنا في دار اخرى وليس في تلك التي استقبلنا فيها اثناء زيارة السفينة “غيلياك” “GILYAK” فغرفة الاستقبال مؤثثه بشيء من الترف والجدران مزينه بزخارف من الرسم الهندي”.

وكان قبطان غيلياك السفينة البحرية الروسية وهو البارون اندرينوس قد زار الكويت في 4 مارس 1900م ولكنه لم يستطيع تلبيه دعوة الشيخ مبارك للغداء لعدم تمكنه من السير لالام في رجلة ولهذا لم يستطع وصف البيت الذي كان الشيخ مبارك قد استقبل فيه طاقم السفينة “غيلياك” كما سبق.

لوحة حجرية محفورة بخط طغرة على مدخل ديوان آل بن إبراهيم في بهيته يعود تاريخها الى عام ١٢٩٢هـ.

لوحة حجرية محفورة بخط طغرة على مدخل ديوان آل بن إبراهيم
في بهيته يعود تاريخها الى عام ١٢٩٢هـ.

 

وثيقة عدسانية

وثيقة عدسانية

قصر السيف” معنى ومبنى … تواصل لا فواصل”

 

في حديث أن النبي صلى الله عليه وسلم مر بإمرأة تتغني ببيت شعر :-

هل عليّ ويحكما     ان هويت من حرج ؟

فتبسم صلى الله عليه وسلم، وقال: ” لا حرج إن شاء الله “.

من هذا الإقتباس الإستهلالي لا حرج علينا في تصحيح الإسقاطات التي بانت في كتاب “قصر السيف العامر” لمحة تاريخيه ومعماريه ٢٠٠١م.

اترك المعمار فقد انبرى له الأستاذ/ فرحان عبد الله الفرحان في مقاله ظهرت بجريدة الوطن بتاريخ ١٤ فبراير ٢٠٠٢م والتي صرح فيها بقدر ما يستطيع وليس بقدر ما ينبغي. وإقتصر هنا على التاريخ، وإنا ممن يشغف بمطالعته ومطاردة الجديد منه وابرازه والتي باتت خياراً لاردة منه (ومن الحب جنون مستعر) كما هو بلسم يسري إلى العقول ليكفئها شر الغفلة أو الجهل (فالجهل موت لأهله).

راجع :  مقالة الأستاذ/ فرحان عبد الله الفرحان، جريدة الوطن – ١٤ فبراير ٢٠٠٢م >>

اطلعت بعد صدور الكتاب وتحديداً منتصف فبراير ٢٠٠٢م نقداً كتبه الأستاذ/ يحيى الربيعان نشر في جريدة الطليعة، بعنوان “تعبئة النية نحو تاريخ مخالف” وهو مقال والحق يقال قد توخى فيما رواه قول الحقيقة الخالصة لا متحاملاً ولا متستراً. وإنما كتابة عما قرأه وسمعه بدون زيادة أو نقصان تجلت فيه قدرة فائقة للمناقشة والإقناع. وكان محقاً بقوله أن موقع القصر لم يكن إسطبل للخيل كما ذكره الكتاب بل هي “نقعة آل إبراهيم” تم ردمها كما جاء في كتاب صدر عن الديوان الأميري أيضاً عام ١٩٧٦م ساهمت بإعداده المرحومه/ سهام الرجعان والسيدة/ خديجه بستكي وأشرف عليه د. عبد العزيز كامل. وقد عزز تلك المقولة ما ذكره الأستاذ/ فرحان عبد الله الفرحان في مقاله الآنف الذكر.

راجع : مقالة الأستاذ/ يحيى الربيعان، جريدة الطليعة – فبراير ٢٠٠٢م

كما ذكر جملة من الوقائع والثوابت والمراجع التاريخية تفند ماحواه كتاب عام ٢٠٠١م.

 غلاف كتاب قصر السيف 1905-1976, الصادر من مكتب سمو ولي العهد و رئيس مجلس الوزراء 1976

غلاف كتاب قصر السيف 1905-1976, الصادر من مكتب سمو ولي العهد و رئيس مجلس الوزراء 1976

 مقتطف من كتاب قصير السيف صادر من الديوان الأميري عام ١٩٧٦

مقتطف من كتاب قصير السيف صادر من الديوان الأميري عام ١٩٧٦

طوال هذه المدة لم تظهر ردود فعل تحرك ماء قد ركد. إلى أن ظهر على صفحات القبس مؤخراً عرضاً لاجديد فيه، مما إضطرني إلى الخوض في مدائن الذكريات بكل حريقها ورحيقها بأثقالها وأغلالها، فربما تكون هذه المحاولة إستكمالاً وتعميقاً بل جنوحاً إلى التامل والتحليل، وقد يطول بنا الحديث كي ننتهي إلى نتيجة. وقبل هذا وذاك أشكو الله ضعف الأمين وخيانة القوي، وأن لا يكون البوح بالحقيقة وقاحة والصراحة مجازفة.

القصر: في قاموس المحيط للفيروزابادي يأتي معني “القصر” أنه خلال المد وإختلاط الظلام والحبس والحطب الجزل والمنزل أو كل بيت من حجر وعلم لسبعة وخمسين موضعاً ما بين مدينة وقرية وحصن ودار أعجبها قصر بهرام جور من حجر واحد قرب همدان.

 صورة لقصر السيف القديم

صورة لقصر السيف القديم

 

وفي القرآن الكريم يأتي ذكر القصر في عدة آيات كريمة منها :-

“بئراً معطله وقصر مشيد” سورة الحج – الآية ٤٥
“تتخذون من سهولها قصوراً وتنحتون الجبال بيوتاً” سورة الأعراف – الآية ٧٤
“ويجعل لك قصوراً” سورة الفرقان – الآية ١٠

يحدثنا التاريخ عبر عصوره عن قصور لملوك وحكام كلها أو جلها تحف بها القصص وتكتنفها الأساطير وتموج بها الحكايات ، ومنها قصر بهرام كما أسلفنا وقصر رغدان لسيف بن ذي يزن ملك اليمن وقصر الخورنق للنعمان بن المنذر في الحيرة وجزاءه لمهندسة سنمار أصبح مثلاً وأبيض كسرى أنوشروان في المدائن وقبلهم قصر نبوخذ نصر وحديقته المعلقة في بابل من عجائب الدنيا السبعة وكذا قصور قياصرة الروم واباطرة اليونان.

وفي الهند أشهرها قصر بني للحب هو تاج محل وفي تركيا قصر طوب قابي الذي إستمر بناءه وتوسيعه عقود وعندما سئل أحد السلاطين متى يتم بناءه أجاب “ايكم يرتقى درجة درجة” فأصبح قوله مثل تركي معروف، ومثله ما ابتناه السلطان عبد الحميد وأصبح مضرب المثل “قصر يلدز”. قلد سلاطين آل عثمان حكام مصر فبدأها محمد علي بقلعته المشهورة وهو تشرف على القاهرة المحروسة. وتبعها الخديو إسماعيل بقصور “عابدين” “والقبة”. أما عن قصور فرساي فهي من روائع عهد لويس الرابع عشر “ملك الشمس” بناه تخلصاً من ضوضاء باريس وروائحها الكريهة، و”الكرملين” فهو هدية القياصرة إلى البلاشفة ثم الشيوعيين بناه قيصر روسيا “إيفان المرعب” الذي كافأ المهندس الذي بناه بقتله حتى لا يصمم مبنى بضخامته فقلد صاحب “الكرملين” صاحب “الخورتق” وقصر بكنجهام شرع في بنائه جورج الرابع ولم يسكنه خليفته ادوارد ولا حفيدته الملكة فيكتوريا وأنهاه سميه جورج الخامس، أما البيت الأبيض فيقطنه اليوم أقوى شخصية سياسية في عالمنا.

بعد هذه الفذلكة نرجع إلى مبتغانا لنرى أن المعني هنا قصر السيف لاينقصه عن أمثاله قصة:

بداية ومنذ حكم الشيخ جابر بن صباح حاكم الكويت الثالث (١٨١٣ – ١٨٥٩م) وإلى منتصف حكم الشيخ مبارك الصباح حاكم الكويت السابع (١٨٩٦ – ١٩١٥م) لم يبنى أحد من الحكام قصراً معيناً للحكم ، بل كانوا يقيمون في بيوت متواضعه شأنهم شأن الآخرين. وفي مجموعة وثائق ظهرت بسجلات الكويت عام ١٩٠٣ المحفوظة في دار الوثائق البريطانية سجلات الهند في لندن . أحداها مرفوعة من القنصل البريطاني في البصرة ” كرو ” إلى سفير بريطانيا في إسطنبول ” أوكونر” يتحدث في ” شئون الورثة ” يذكر فيها أن الشيخ مبارك الصباح قدم كشف بجميع عقارات العائلة في الكويت وأثمانها فجاءت كالآتي :-

 

-: قيمة العقار في الكويت

* ١٤٠٠ دولار

بيت جدنا جابر بن صباح بالإضافة إلى الديوان

٤٠٠٠ دولار

بيت الوالد صباح بن جابر والذي نسكنه مع جميع العائلة

وقد أضفنا له الديوان

٢٠٠ دولار

بيت صغير مقابل إلى بيت الوالد صباح

١٨٠٠ دولار

ثمانية عشر دكان

٧٤٠٠ دولار

المجموع

 * الدولار المقصود به ليس الدولار الأمريكي بل الدولار النمساوي “ماريا تريزا” (ثيلر). وهي عملة فضية متداولة في تلك الحقبة وإلى بداية القرن العشرين، ويطلق عليها أيضاً الريال الفرنسي.نود الافاضة وتعميما للفائدة عن قيمة هذه العملة ازاء العملات المحلية المتداولة أنذاك: الريال الفرنسي =40طويلة الحسا (عملة محلية قديمة)=12,5 قرش صاغ=50 متليك=2,83 فرنك فرنسي.وكل 100ريال=حوالي 152روبية هندية.و لكل 250ريال=25 جنية سترليني

 مخطط يوضح فريج بن إبراهيم وفريج الشيوخ قبل بناء قصر السيف

مخطط يوضح فريج بن إبراهيم وفريج الشيوخ قبل بناء قصر السيف

 

المعروف أن العقار الموصوف أعلاه يقع في فريج الشيوخ في حي الوسط (بهيته) ولم تكن مداخل البيوت تقع مباشرة على البحر بل في (سكه) تودي إلى البحر وأمامها نقعه وهى نقعة الشيوخ. وفي تلك البيوت وقعت حوادث ٩ مايو ١٨٩٦ الأليمة والتي أدت إلى تولي الشيخ مبارك مقاليد الحكم كما هو معلوم.

أما الحي الملاصق إلى “فريج الشيوخ” فهو “فريج بن إبراهيم” حيث تقع بيوت آل إبراهيم وديوانهم ومسجدهم والتي تقبع على الجهة الغربية (القبلية) من مرتفع (بهيته) وامام مداخل تلك البيوت تقع “نقعة آل إبراهيم” .

والبيوت مبنية من حجر تتكون من طابقين وفي الدور الثاني يقع المجلس الرئيسي مطلاً على البحر ويطلق عليه “كشك” أو “بنكلة يوسف” نسبه إلى الشيخ يوسف الإبراهيم وهي بيضاء مطلية بالجص.

وفي رواية تنقل عن الشيخ سالم المبارك الحاكم التاسع أنه في صباه كان يذهب للسباحة وصيد السمك مع أقرانه فإذا إبتعدوا عن الشاطئ كانت علامتهم البنكلة ولهم أهزوجه يرددونا :-

“يابنكلة يوسف بيضه تلگـين”

البنكلة: هي مفردة هندية ومعناها البيت الكبير.

أي يا بيت يوسف الأبيض يلمع ناصعاً

خلال حوادث مايو ١٨٩٦م كان الشيخ يوسف الإبراهيم في منتجع له هو قصر الصبية. ورغم دعوات الشيخ مبارك له بالرجوع إلى الكويت إلا أنه غادر إلى بساتين نخيل العائلة في مقاطعة الدورة على الجهة الغربية من شط العرب في ولاية البصرة العثمانية. وتبعه أبناء المقتولين مع العائلة فبقيت بيوت آل إبراهيم في الكويت غير مأهوله بضع سنوات وعندما تأزمت الأمور تم وضع اليد عليها من قبل الشيخ مبارك فإستولى عليها بما فيها بالإضافة إلى موجودات أخرى نقدية وعينية في الكويت.

وسكن في البيت ذو المجلس المرتفع (الكشك) والذي وصفه القنصل كرو في تقرير إلى الخارجية البريطانية عن زيارته الكويت في ١١ يناير ١٩٠٤ يقول فيه مايلي:-

لي الشرف إعلامكم أني غادرت إلى الكويت على متن السفينة الحربية (لورنس) مع المقيم السياسي للخليج في بوشهر. فوصلنا الكويت في ١ يناير. القت (لورنس) مرساتها على بعد ميلين من المدينة وقد نقلنا (لنش) إلى مقربة من الساحل ثم إلى زورق صغير لضحالة المياة وتسلقنا جداراً صخرياً يحمي مرسى للسفن نقعة مقابله إلى البيت الذي يقطنه الشيخ. وقد إستقبلنا الشيخ مبارك مع حاشيته على مقربه من الساحل.

يسكن الشيخ في بيت كبيرذو دورين مبنى من حجر ويقع مباشرة على الساحل وأمامه مربط مكشوف للخيل حيث توجد بعض الخيل المسرجه. قادنا الشيخ إلى مجلسه (ديوانيه) على سطح البيت مؤثثة بأثاث أوروبي مزدانة جدارنها بصور صاحبي الجلالة الملك والملكة. كان سكرتير الشيخ حاضراً. الشيخ يبلغ من العمر أكثر من ٦٠ عاماً ولكنه يبدو أقل سناً من ذلك . وهو يرتدي ملابس عربية هى عباره عن جلباب طويل يصل إلى قدميه وعباءه داكنة اللون. أما غطاء الرأس فهو منسوج قطني عليه عقال من شعر الجمل (شطفه).

 

“الشيخ يبدو لطيفاً ذو وجه سمح يدل على ذكاء وهو متحفظ في كلامه ، تحدثنا فترة وجيزة ثم قمنا بزيارة المدينة والسوق برفقته ثم أقفلنا راجعين إلى السفينة.”

المرجع RECORD OF KUWAIT
1896 – 1961
FOREIGN AFFAIRS
EDITED BY
A.DE.L RUSH
ARECHIVE EDITION
1989

مما تقدم يتضح أن إقامة الشيخ مبارك الصباح في بيت الشيخ يوسف الإبراهيم ووصف مجلسه ينطبق على ما أسلفناه عندما تكلمنا عن (البنكلة) . وكانت مدة إقامته قد إمتدت ما يقارب سنوات سبع من ١٨٩٩ – ١٩٠٥م تقريباً ويحتمل أن نقعة آل إبراهيم قد ردمت بعد عام من سكنه في البيت بحدود عام ١٩٠١ وإستقدم لهذا الغرض راشد بن سلمان الرباح وناصر بن محمد راشد الفرحان وإستعمل الموقع مربطاً للخيل إمعاناً لدك ماردم (راجع كتاب قصر السيف ١٩٠٥ – ١٩٧٦م).

وما أن حل عام ١٩٠٦م فهو العام الذي توفي فيه الشيخ يوسف الإبراهيم وهو في طريقه إلى الحج من حائل في ٤ ذو الحجة ١٣٢٣هـ – ٢ يناير ١٩٠٦م وبعده بما ينوف على الشهرين قتل الأمير عبد العزيز الرشيد في معركة البكيرية ضد الملك عبد العزيز السعود في ١٨ صفر ١٣٢٤هـ – ١٤ أبريل ١٩٠٦م.

بموتهما زالت المخاطر عن طريق الشيخ مبارك الصباح الذي قال :-

(إن حظي تغلب)

وقد قيض المولى تعالى بفضله للحق برهاناً فعزز ما ذكرنا عن قصه بناء قصر السيف بما لايجعل مجال للشك بتاتا، فانطبق الموقع على الزمن ليظهر جلياً وجه الحقيقة . متمثلاً بما وقع عليه الباحث والمؤلف الهولندي .J.B.SLOT جي . بي . سلوت

الذي يتعاون مع مركز البحوث والدراسات الكويتية على لوحة تبين مشروع ردم نقعة آل إبراهيم كما خطتها ريشة احد الرحالة الاوربيين أو أحد أفراد طاقم سفينة حربية تابعة للإسطول البريطاني الذي وصل الكويت في منتصف عام 1901 ، ونشرته مجلة برلين المصورة BERLINER ILLUSTERIRTE ZEITUNG.

في عددها المرقم 3064 الصادر بتاريخ 20 مارس 1902 اي بعد سنة كاملة من تاريخ موقعة الصريف 17 مارس 1901 موضحة مراحل الردم ليقام بعدها بخمس سنوات مبنى قصر السيف في عام 1907م

ويروي الباحث المتخصص بجغرافية مدينة الكويت وأحياءها القديمة، محمد عبدالهادي جمال معلومة سمعها من جده “عن وجود حفرة تتجمع فيها مياه الامطار قرب “بيت جمال القريب من حي الوسط (بهيته) ” بأن الشيخ مبارك قام بتوسيعها وحفرها واستخدام كميات كبيرة من الاتربة والمخلفات لردم النقعة المذكورة بأسرع وقت ممكن. ويذكر :- “ان الحّمارة (اصحاب الحمير المستخدمين في عملية الحفر والنقل انذاك) كانوا يشتغلون ليل نهار “.

 مراحل ردم نقعة ال ابراهيم ,نشرت في مجلة برلين المصورة 20 مارس 1902

مراحل ردم نقعة ال ابراهيم ,نشرت في مجلة برلين المصورة 20 مارس 1902م

 

في مطلع تلك السنة شرع الشيخ مبارك بتشييد قصراً يجعله رمزاً للحكم وهيبته فقد أمن مسعاه وإستقرت الأمور إلى مبتغاه. وهو الطموح الذي لاحدود لرغباته فكان بناء القصر دليل النجاح والتفوق.

تسمية القصر “بقصر السيف” هى تسمية حديثة حيث كان يطلق عليه “قصر مبارك” أو “القصر الجديد” وعندما بنى الشيخ جابر بن مبارك “دسمان” وبعد توليه الحكم أطلق على الأول “قصر الديره” “TOWN PALACE” وهذه التسمية ظهرت في جميع مراسلات المقيمين السياسيين وإستمرت التسمية إلى حكم الشيخ عبد الله السالم حيث إبتدأت تسميته بـ “قصر السيف” لإنه كان يقيم في “قصر الشعب” وبدأ إتساع رقعة المدينة فأصبحت التسمية أكثر تقبلاً.

هذا ما إستطعنا تجميعه رغم هرولة السنين وتساقط أوراق الزمن … أنها رحلة في الزمان والمكان وإذا كان للإحجار حوار فيمكن أن يقول أن بناء “قصر السيف” كان بداية النقلة العمرانية ، وتظل المقولة التي تزين مدخل القصر “لو دامت لغيرك ما إتصل إليك” تلخص رؤية كاملة في السياسة والحكم.

فأقرأوا التاريخ إذ فيه عبر  ….  ضل قوم ليس يدرون الخبر

 

 

9405 اجمالي الزيارات 6 الزيارات اليوم

اترك رد

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

بيت الابراهيم