كتبة ادعاء التاريخ مهنة من لا مهنة له قصة أول سيارة في الكويت ودور جاسم الإبراهيم رسائل مبارك بأختامه والخضير والقناعي وثائق تتكلم الواقع سبع وثائق تنشر لأول مرة لمراسلات مبارك والإبراهيم نصيب حكام الخليج خمس طلقات مدفعية إذا كانت الغاية من دراسة التاريخ والوقوف على تفاصيله تكمن في نظرتنا إلى الماضي بموضوعية. فلابد من فرز دقيق ومعرفة بأدواته تمكننا من البحث في اسقاطاته بعيدا عن الادعاء المغموس بالجهل، الخالي من البينة، الزاخر بمخرجات الانحياز والتشفي، المسيء إلى الحقيقة والرموز، المكرّس لتأصيل الكراهية والاستعداء من دون سبب أو مبرر، يتكشف عن بواعث لا أخلاقية وضغائن متراكمة مشبعة بالعدوانية والافك، معتمدا على تركة بالية فقيرة المصادر، لا يمكن الارتكاز أو التعويل عليها. فهي شتات من مقاطع حكايات لا يشدها رابط تستكتبها عقليات غير مدركة لحجم المسؤولية ليعاد تكرارها بأساليب انتهت صلاحيتها لتصبح سما ناقعا زعافا، قاتلا لكل شيء مفيد وكأن أصحابها كما قال الشاعر: ساعٍ بكأسٍ إلى ناشٍ من الطرب كلاهما عجب في منظر عجبِ لقد كثرت أعداد من يكتب عن التاريخ حتى يخال المرء بأنها غدت بدعة وأصبحت مهنة من لا عمل له. وأنا هنا لا أنادي بالمنع المطلق أو تكميم الأفواه، لكنني أرفع شعار عدم الاستمرار في اهانة العقل باجترار السخافات ونشرها وتأصيلها. واني في الوقت نفسه على معرفة بأن هناك بعض من سعى في طلب الجديد وثقف نفسه وحصنها بالمفيد ليضاهي في انتاجه حتى المتخصصين في علم التاريخ، متمكنا من كشف اخطائهم وسقطاتهم بكل حرفية وجدارة، وبمقدرة لطرح الأسئلة الصعبة لاحراج من كان يعتقد أنه قد «طوى العلم من أطرافه». ان جمهرة الوثائق والوقائع تختلط بعضها ببعض لتشكل القاعدة الصلبة التي تنطلق منها عملية كتابة التاريخ، سائرة في حركة لا تتوقف في مسارها الا عندما تنتهي الحياة. ولا أريد هنا أن ألقي الكلام جزافا وعلى عواهنه، أو ان اتقمص شخصية الواعظ الذي «ينهى عن خلقٍ ويأتي بمثله». بل اقف محايدا، لتقتصر مهمتي على أن اعرض أمام القارئ الحصيف مثالا صارخا لما اسلفت طالما تناولته الأقلام ولاكته الألسنة، ناقلا ما طرح بحذافيره من دون زيادة أو نقصان. واترك للوثائق وحدها، والتي هي بحوزتي لتعرض أول مرة، مهمة الدحض واقامة الميزان. لنرجع إلى كتاب من هنا بدأت الكويت تأليف عبدالله خالد الحاتم والى الطبعة الثانية المنقحة والمزيدة الصادرة عن مطبعة دار القبس عام 1980 بالكويت. فنرى على الصفحات 141ــ142 تحت عنوان «أول سيارة» ولا يهمني هنا موضوع السيارة ولكن إلى القصة الطريفة، وفق قول المؤلف، والتي لا أرى فيها شخصيا ما يمت إلى الطرف بشيء بل إلى العكس منه تقول القصة التي تمت حوادثها عام 1330 هـ ــ 1912م: ان احد تجار الكويت كان قد أودع بعض اللآلئ عند الشيخ عبدالرحمن العبدالعزيز الإبراهيم المقيم في بومبي (الهند)، فأخذ في مماطلته حتى يئس من الحصول عليها وعلم في ما بعد سر المماطلة، وهي افلاس الشيخ عبدالرحمن، فاسقط في يده. فشكا حاله وما اصابه للشيخ مبارك الصباح، الذي سارع بدوره وكتب الى الشيخ جاسم الإبراهيم يأمره برد الامانة من ابن عمه الى صاحبها او دفع ثمنها والا عمل من جانبه ما يراه مناسبا وقطع كل اتصال له مع اهل الكويت، فخاف جاسم وقرر السفر الى الكويت ومقابلة الشيخ مبارك واستصحب معه بعض الهدايا الثمينة، ومن بينها هذه السيارة التي لاقت استحسانا وقبولا كبيرا من قبل مبارك، ورغما عن هذا كله، فان مبارك لم يبد اي تساهل في حق التاجر الكويتي، بل سعى جهده للتوفيق بينهما واستخلاص حقه منها». (انتهى).. الى هنا انتهت المعطيات المنشورة عن الواقعة. من يقرأ هذا النص بتفاصيله يعتقد ان الحاتم كان قريبا جدا من الشيخ مبارك، بل يحسبه كاتم أسراره وسكرتيرا له وشاهد عيان على الحدث. والمعروف ان الحاتم لم يكن قد ولد آنذاك، وهو الذي لم يقدم الى الكويت من موطنه الاصلي، الزبير، الا في الثلاثينات من القرن الماضي او ربما بعدها. لنستعرض أقاويل وتعابير الحاتم ليتيسر لنا ايجاد الوثائق التي تتعلق بالامر: 1 – نفهم مما سبق ان تاريخ زيارة الشيخ جاسم كان عام 1330 هـ – 1912. 2 – ذكرت كل الاسماء ما عدا اسم التاجر الكويتي. 3 – مماطلة الشيخ عبدالرحمن الابراهيم في رد اللآلئ. 4 – الشيخ مبارك يأمر الشيخ جاسم الابراهيم بدر الامانة والا عمل من جانبه ما يراه مناسبا لقطع كل اتصال له بأهل الكويت. 5 – خوف جاسم وقراره السفر الى الكويت محملا بالهدايا الثمينة، ومنها السيارة لتهدئة الشيخ مبارك وثنيه عمل ما قد تحمد عقباه. 6 – قبول مبارك الهدايا، ولكن رغم ذلك فانه لم يتساهل واستمر بالضغط. هذه اهم النقاط التي جاءت بها حكاية الحاتم، والتي لم نر لها وثيقة او اسنادا، بل هي مروية مثلها مثل احاديث المقاهي والدواوين التي تترك العقل واهيا. ولنأتِ الى الوثائق، وهي عبارة عن سلسلة رسائل كتبها الشيخ مبارك مبصومة بخاتمه ولا يأتي شك في صحتها، اضافة الى جزء صغير يخص الموضوع كتبها الحاج عبدالرزاق الخالد الخضير الى الحاج حمد الخالد الخضير، بالاضافة الى فصل من تدوينات عبدالله العبدالله القناعي. ————- قواعد وبروتوكولات تحيه للمدفعية أصل التحية المدفعية التي تطلق عادة من السفن الحربية الشراعية حين زيارتها موانئ اجنبية في مناسبات ودية لغاية التزود بالمؤن او الوقود. كاشارة لاظهار الصداقة، حينها تطلق المدافع بعتاد لا يحتوي قنابل حقيقة بل مجرد اصوات تعبيرا بأنها اصبحت خالية ولا تشكل خطرا. وهناك تقليد بحري تقوم به السفن الحربية حينما تلتقي في عرض البحر. فتكون التحية بالاستدارة والاتجاه نحو بعضها البعض قبل اطلاق المدافع في اتجاه عرضي اشارة الى ان المدافع خالية ولا خطر فيها. تحتم التقاليد ان تكون التحية الملكية عبارة عن إحدى وعشرين طلقة وتكون الفترة بين اطلاق كل منها خمس ثوان. وفي الاحتفالات الملكية في بريطانيا تطلق التحية في منتصف النهار خلال ايام الاسبوع واذا صادفت المناسبة يومي العطلة الاسبوعية فانها تؤجل الى اليوم التالي. تم تقنين عدد الطلقات للدول الخاضعة للنفوذ البريطاني ابان حكم الملكة فكتوريا التي كان نصيبها مائة طلقة وطلقة بعد وفاتها، ثم خففت لتصبح التحية الملكية احدى وعشرين طلقة. وفي الهند تختلف عدد الطلقات بين الولايات الهندية وتتراوح بين 19 طلقة الى 4 طلقات. وكان نصيب حكام الخليج 5 طلقات وهو الشائع آنذاك. ————- الوثيقة الأولى: جناب الاجل الامجد الافخم الولد العزيز الشيخ قاسم ابن الاخ المرحوم الشيخ محمد البراهيم المحترم دام بقاه بعد السلام والسؤال عن خاطركم وعنا نحمد الله في خير وسرور جعلكم الله كذلك في ابرك ساعة وردنا كتابكم عنيد(1) ولدنا الشيخ صالح ومرسولكم القوطي(2) عنيد محمد السالم السديراوي وصل ونشكر فضلكم وشفقتكم الله يجعلها شفقة دائمة هذا ما لزم ومنا اخيك الولد جابر واخوانه يسلمون ولا تقطعنا اخبار سلامتكم السارة معما يلزم ودم سالما. 19 شعبان 1329م – 14 أغسطس 1991م مبارك الصباح ختم. (1) عنيد: هي عن يد كانت تكتب في الماضي بمثل هذا الشكل. (2) القوطي: علبة ذهبية مرصعة بالماس من مخلفات السلطان عبدالحميد اشتراها الشيخ جاسم الابراهيم من مزاد درو بباريس. وقد ذكرها الرحالة الدانمركي باركلي رونيكير في كتابه عندما زار الكويت. ————- الوثيقة الثانية: هي رسالة من عبدالرزاق الخالد الخضير ارسلها من بومبي في 8 ذي الحجة 1329 هــ 29 نوفمبر 1911م الى الحاج حمد الخالد الخضير في الكويت وهي بمجموعها تتناول مشروع بناء المدرسة المباركية وتظهر فيها نية الشيخين قاسم وعبدالرحمن الابراهيم التبرع لها. ولكن ما يهم موضوعنا هي الفقرة التالية فيها: «سيدي هالايام بان لي بعض الاشارة من الشيخ جاسم الابراهيم انهو له نية يزور حضرت مولانا الشيخ مبارك ولا بين لي منا نيته يتوجه ونحن اخبرناه عن المدرسة الذي معتمدين الجماعة ينشونها بالكويت». ————- الوثيقة الثالثة: جناب الاكرم الامجد الافخم ولدنا العزيز الشيخ قاسم الابراهيم المحترم دام بقاه بعد مزيد السلام والسؤال عن خاطركم العاطر وعنا نحمد الله بخير وسرور جعلكم الله كذالك بعده في ابرك ساعة اخذة يد الابوة كتابكم العزيز المؤرخ 25 ذي الحجة المبشرة صحتكم حمدنا الله على ذلك لا زلتم انشاء الله دائما رافلين بالصحة والعز والسرور وربنا يديم وجودكم وشفقتكم ويبارك فيكم هذا لاخذ بشائر صحتكم حررنا هذه النميقة الابوية المأمول دوام المحبة مع ابلاغ سلامنا ولدنا اخيك الشيخ عبدالرحمن ومنا اخيك الولد جابر واخوانه يسلمون ولا تقاطعنا اخبار سلامتكم السارة معما يبدو من لازم ممنونين ودمتم بحفظه الله سالمين. 9 محرم 1331 – 18 ديسمبر 1912 مبارك الصباح ختم وفي الرسالة ملحاق خير: ولدنا العزيز دمت بخير وسرور اليام من فضل الله جميع اطراف بلدكم طاح عليها مطرزين وخير انشاء الله بقبال والامل بالله السنه يصير ربيع طيب ونحب اذا جنابك في اول فصل الربيع حصل فرصه بواسطه اشتياقنا لمشاهدتك تشرف الى وطنك لاجل زيارة وطنك وجماعتك، ونحضى بمشاهدتك البهيه ربنا يحفظكم من كل شر هذا اذا حصل جنابك فرصه واذا ما يصير تكليف ام تعطيل شغل نحن عرضنا عليك ذلك ويكون بدون تكليف لان الله المطلع على شفقتي عليك وعلى مشاهدتك ربنا يديم وجودك. ———— الوثيقة الرابعة حضرة الاجل الامجد الافخم الولد العزيز قاسم الابراهيم المحترم وفقه الله بعد مزيد السلام والاستفسار عن خاطركم العاطر وعنا من فضل الله في خير وسرور جعلكم الله كذلك بعده بوصول ولدنا الشيخ صالح حصل غاية السرور عندنا اولا بوصوله سالما ومبشرا عن عزمكم في الشتاء القادم تزورون وطنكم وتمتعون والدكم من مشاهدتكم التي دائما اتمناها ربنا يأملنا واياكم خير ويقدر الاجتماع بالعز والسرور. واما هديتكك العصا المرسولة (1) برفقته فقد وصلت تمثل زيادة محبتكم وشفقتكم فقدرتها غايت التقدير ودعوة الله لكم في حسن التوفيق وان يديم هذه الشفقه هذا والمامول دوام المحبة القلبية مع ابلاغ سلامنا ولدنا الشيخ عبدالرحمن ومنا اخيك الولد جابر واخوانه يسلمون ولا تقاطعنا بشائر صحتكم معما يلزم ودمتم في حفظ الله سالمين. 7 شعبان 1331هــ 11 يوليو 1913 م مبارك الصباح ختم
رسائل حفظت تاريخاً من يد العبث 1, القبس, 13/04/2010
4267 اجمالي الزيارات 1 الزيارات اليوم
تعليقات الزوار