كان اللؤلؤ يسوق فى الهند اولا فى ميناء سورت بمقاطعة قوجرات ثم انتقل الى بومبي فى الربع الاخير من القرن التاسع عشر والمعروف تاريخيا عشق الهنود الى اللؤلؤ لما يحمله من تأثير ديني وهو ما أظهرته كتابات أساطير الديانة الهندوسية مثل (المهابراتا) و ( الرامايانا ) عن تقديس اللؤلؤ عندما وهبت الآلهة الهواء وقوس القزح والنار والياقوت للارض واختصت اللؤلؤ بالبحر ، وان الإله كريشنا هو الذي اكتشف اللؤلؤ واهداه لابنته (باندايا) عند زواجها لأنه لم يجد أجمل ما يهديه من ذلك فأصبح اللؤلؤ جزءاً مقدساً من الطقوس الدينية لا يتم الزواج الا بها وهو ما اهتبل التجار الخليجيون أهمية سوق كبير وهم على بعد مسافة قريبة نسبيا من مكامن تجارة يعمل فيها قرابة ٨٠ الف نسمة له.
ولم يقتصر اقتناء اللؤلؤ على النساء فان امراء الهند ومهراجاتها كانوا يتبركون به وهم اكبر من اعتني بجمعه واقتنائه ومن اشهرهم ( الكاي جوار ) مهراجا بارودا الذي قدرت مجموعته فى اواخر القرن التاسع عشر الميلادي بما يقارب الاثنى عشر مليون دولار ومن ضمن مقتنياته سجادة صنعت من اللؤلؤ طولها عشرة اقدام ونصف القدم وعرضها 6 اقدام وهي الآن من مقتنيات متحف الدوحة في دولة قطر بالاضافة الى احزمة وعقود وأقراط من اللآلئ الكبيرة التي كان يقوم بتصميمها صناع المجوهرات الفرنسيون وهو ما ذكره لويس روزليه Rousselet في كتابه ( الهند وأمراؤها ) الذي عاش فى بورودا ستة اشهر حضر احتفالات منح المهراجا كاندي راو وسام نجمة الجنوب والذي كانت تربطه صداقة وعلاقة تجارية مع تجار اللؤلؤ خاصة الشيخ عبد العزيز بن علي آل ابراهيم الذي كان يتردد على بارودا ويقيم فى منتجع له فيها ، وهي دلالة نفوذ تجار اللؤلؤ الكويتيين مع الطبقات الحاكمة والمتنفذة التي تحرص على اقتنائه.
كما تعاقد آل ابراهيم هناك مع الفرنسيين الذين كانوا يزورون الهند لتصميم المجوهرات لامرائها ومهراجاتها وتعاملوا من أجل ذلك مع البنوك الفرنسية واولها بنك Comptoire National D’escompte Paris منذ ان فتح له فرع فى بومبي عام ١٨٩٤.
شعر تجار المجوهرات الفرنسيون بأهمية لؤلؤ الخليج ونفاسته التي لا تحتاج الى معالجة للشكل او تلميع للون فاتجهت ابصارهم الى سوقه فى بومبي عندما شارف القرن التاسع عشر على لفظ انفاسه فانطلقوا اليها وكانت الدفعة الاولى منهم مكونة من اكبر تجار المجوهرات فى باريس ومنهم:
١- ليونارد روزنتال صاحب المحل المعروف آنذاك فى شارع Avenue de l’Opera بباريس الذي بدأت شهرته عام ١٨٧١ وقد اطلق عليه الصحافي الفرنسي موريس دي ويلف ناشر جريدة باريس المساء لقب (نابليون اللؤلؤ) يساعده اخوه الذي أقام بصورة مستمرة منذ عام ١٨٩٥ فى بومبي وسكن قرب قصر الشيخ جاسم آل إبراهيم فى ضاحية كولابا الراقية فى حي ( كوف بيريد ) وقد ساندت البنوك الفرنسية هذا التوجه فقدم بنك BT تسهيلات مصرفية تقدر ببضعة ملايين من الفرنكات لفتح أسواق بومبي مشرعة على باريس.
٢- جاك كارتييه مصمم المجوهرات العالمي المشهور الى يومنا هذا والذي ارتبط كذلك بعلاقة عمل قوية مع آل ابراهيم، كما ذكر المؤلف Hans Hadelhoffer في كتاب ( كارتييه مصمم فوق العادة )
٣- دافيد بينفليد من كبار التجار المتخصصين باللؤلؤ الخليجي وله محل كبير فى باريس.
٤- بول باك من الأسماء الكبيرة فى عالم المجوهرات وكان يزور البحرين فى مواسم الغوص بين ابريل وسبتمبر من كل سنة ويقطع اذا صادف رمضان خلالها وعرف باسم (البيك) عند الطواويش.
٥- البيرت حبيب من كبار التجار وهو كسابقه كان كثير التردد على موانئ الخليج ولاعبا كبيرا فى اسواقه.
٦- جاك سوفير من المهمين فى تجارة اللؤلؤ وله مكتب وممثل فى البحرين.
٧- جو فان براك من التجار الذين تعامل معه العديد من طواشي اللؤلؤ فى الخليج والهند.
بلغت جملة تعامل هؤلاء التجار فى سوق اللؤلؤ الخليجي فى العقد الاول من القرن العشرين، اكثر من مليون دولار امريكي سنويا في حركة نشطة تمولها مجموعة من المصارف الفرنسية مثل بنك بلوش درايفوس الذي ضخ مبالغ طائلة بلغت سبة ملايين فرنك فرنسي لايقاف هبوط الاسعار قبيل اشتعال الحرب العالمية الاولى. وبنك كومبتوار ناشنال دي باريس وغيرهما.
فى جعبتنا بوثائق التي ننشر بعضها فى هذه المجال تبين جوانب لأهمية وحجم التعامل الذي كان يديره التجار الفرنسين مثل روزنتال ومنها:
1- رسالة من الشيخ مبارك الصباح الى الشيخ جاسم آل ابراهيم بتاريخ ٧ رمضان ١٣٢٩هـ – ١ سبتمبر ١٩١١ م.
” جناب الاجل الامجد الافخم ولدنا العزيز الشيخ قاسم بن المرحوم الاخ الشيخ محمد البراهيم المحترم دام بقاؤه.
بعد السلام والسؤال عن خاطر كم وعنا نحمد الله فى خير وسرور جعلكم الله كذلك بعده بهذه الدفعة توجه ولدنا شملان علي والاخ ابراهيم بن مضف ان شاء الله تجعلون نظركم عليهم ومعلوم عندنا انكم اشفق عليهم والذي يصير نظركم نظركم عليه ان شاء الله يتوفق ويحصل له النصيب المبارك ببركة انفاسكم ان شاء الله قريبا منهم التعريف عن مبياعهم وقبل لا يعزمون على السفر جانا كتابين من فيكتور روزنتال الفرنساوي الذي ومثلهم من علي بن ابراهيم الزياني طالبين منا نشور علي ولدنا شملان بن علي والاخ ابراهيم بن مضف يتوخرون الى وصولهم الكويت لاجل يشترون منهم ولاحبينا تأخيرهم من السفر مطلوبنا يصير تصريف مالهم عن يدكم والمكاتيب سلمناها بيد ولدنا شملان يعرضهم على جنابكم ان شاء الله ترونهم مسرورين الخاطر.
وهذا المأمول دوام المحبة مع ابلاغ سلامنا ولدنا الشيخ عبد الرحمن واخوانه ومنا اخيك الولد جابر واخوانه يسلمون ولا تقاطعنا بشاير صحتكم مهما يلزم ودم سالما”.
2- برقية من الشيخ جاسم آل ابراهيم الى حاج شملان بن علي بتاريخ ١٥ نوفمبر ١٩١٩ يخبره عن تسلمه من روزنتال مبلغ نصف مليون روبية وفى اخرى من الشيخ عبد اللطيف العبد الرزاق بتاريخ ٤ مارس ١٩٢٣م الى شملان بن علي يعلمه عن قبضة من روزنتال مبلغ ربع مليون روبية.
تبين هذه المبالغ الكبير آنذاك ضخامة حجم التعامل من هنا جاء الثراء الفاحش الذي اصابه ليونارد روزنتال من تجارة اللؤلؤ الخليجي جعله ينوع مصادر ثروته ويتجه الى شراء العقارات واليه يعزي تحويل شارع الشانزيليزية المشهور فى باريس من بيوت سكنية الى ما هو عليه الان من محلات ذات شهرة تجارية تطبق سمعتها انحاء العالم حتى غزت مثالا للتقليد. حينما بدأها بشراء بناية اطلق عليها Fortiques Des Champs – Elysees وبعدها امتلك عام ١٩٢٥ ست وعشرين بناية تجارية بلغ ريعها سبعة وخمسين مليون فرنك سنويا وصافي ارباحها ٣٠ مليون فرنك.
وقد تقدم اليه احد رجال الاعمال الامريكيين لشرائها بمبلغ فاق مائتين وخمسين مليون فرنك .ولكن القانون الفرنسي انذاك لم يكن يسمح للاجانب بامتلاك العقار فى فرنسا. وقد كتب روزنتال سيرة حياته فى كتابين (مملكة اللؤلؤ) و (حديقة الجواهر).
كما ذكر هذه التجربة ايضا الكاتب الصحفي موريس دي ويلف ١٩٤٦ الذي مر ذكره فى كتابه (حينما كانت باريس جنة) صفحة ١٦٣ عن روزنتال قوله: ” ان شراء نصف الشانزيليزية اصعب من التعامل مع تجار لؤلؤ الخليج “.
أما مؤلف كتاب (كارتييه …. مصمم الجواهر فوق العادة) هانزهادلوفر . فيتحدث عن التجار الكويتيين وعالم اللؤلؤ فيقول : ” كانت حصة الأسد لتجارة اللؤلؤ فى بومبي فى بداية القرن العشرين فى قبضة وسيطرة الشيخ جاسم وعبد الرحمن آل ابراهيم”. امراء اللؤلؤ مما حدا بتجار المجوهرات الفرنسيين الى التقرب منهما وعقد العلاقات الوطيدة معهما للحصول على الجيد من اللؤلؤ حيث ان نسبة ٨٠٪ من اللؤلؤ الممتاز يأتي من الخليج ويتم شراؤه كله بواسطة وكلاء يدفعون ثمنه ١٠٠٪ مقدما”.
وقبيل الحرب العالمية الاولى وتحديدا عام ١٩٠٧ – ١٩٠٨ اثرت هزة عالمية على تجارة اللؤلؤ حيث هبطت الاسعار بين ٣٠٪ الى ٣٥٪. وفى عام ١٩١٤ افلست تسعة بنوك عالمية ومحلية توزعت فى انحاء الهند ولم ينقذها تدخل بعض البنوك الفرنسية لحماية تجار اللؤلؤ الفرنسيين حينما انهارت الاسواق مما ادى الى اغلاق التداول فى سوق بومبي من قبل حكومة الهند عام ١٩١٨ كما اغلقت اسواق باريس واوروبا فترة من الزمن.
بالمقابل ابتداء التجار الكويتيون التردد على باريس ولندن للتعرف من قرب على الاسواق هناك ومن المسجل ان الشيخ جاسم ال ابراهيم والشيخ عبد الرحمن آل ابراهيم قاما بزيارتهما الاولى الى باريس قبل الحرب العالمية الاولى وتحديدا عام ١٩١٠ وكانت اقامتهما فى فندق غراند هوتيل ميدان الاوبرا وعلى مقربة من مكاتب ومعارض تجار المجوهرات فى شارع لافاييت وفى زيارته تلك حضر الشيخ جاسم مزادا لمقتنيات السلطان عبد الحميد الثاني الذي عزل عن العرش عام ١٩٠٨ .
اقيم فى “قاعة مزاد درو الشهير Drouot Salee ” ورست فيها عليه علبة سجائر ذهبية مرصعة بالالماس وعصا اثرية للسلطان عبدالحميد اهداها الى الشيخ مبارك الصباح ، ذكرها السائح الدانمركي رونيكير Barclay Raunkiaer عند زيارته للكويت عام ١٩١٢ فى كتابه Through Wahhabi land on Camel back صفحة ٣٦ وعنوانه عبر بلاد الوهابيين على ظهر جمل
” On a stool by his side there lie always diamonds. Studded cigarette case. (وبالقرب منه وعلى منضدة صغيرة تتواجد دائما علبة سجائر مصنوعة من الذهب مرصعة بالالماس). “
يتشرف .،، شبا م للتحف والعملات القديمة .، فس بوك لزيارة الموقع ومشاهدة من عقود الولو الخليج المصنع فى الهند لها اكثر من ماية سسنة وسبحة منالولو القديم حبة كبيرة لهاالثر من ماية سنه وسبحه من الماس الاسود وسبحه يسر كل حباتها من المسك والكثير ولكم تحياتى عمرالكثيرى 0096773353180